الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

الآثار

الآثار (ترميم -) /الأوابد والمباني/
الترميم ومبدأ الأصالةأهداف الترميم
مراحل الترميمالمبادئ العامة للترميم
الترميم في سوريةأنواع الترميم
الترميم بمفهومه العام قديم جداً، وهو حاجة من حاجات الحياة (للإنسان والحيوان والنبات). مقابل كل عملية تلف توجد محاولة للإصلاح، ومنذ بدايات الحضارة حاول الإنسان إصلاح ممتلكاته (من أدوات وأبنية وغيرها…) باستعمال المواد المتوافرة حوله وبتطوير طرقه نتيجة الخبرات المتراكمة لديه.وبعيداً عن التعريفات الأدبية أو الفلسفية.يمكن تعريف ترميم الآثار Archaeological Restoration بأنه عملية فنية متخصصة تهدف إلى الإصلاح، تنفذ لغايات معينة؛ وضمن شروط محددة، وتحكمها مجموعة من المبادئ.وهنا يجب التفريق بين معنى الترميم restoration وبعض المعاني القريبة منه مثل الحفظ  preservationوالصيانة  conservation؛ وبعض المعاني البعيدة بعض الشيء عنه لكنها تندرج ضمن المجال ذاته مثل إعادة البناء reconstruction، والترميم بالمشابهة  anastylosis أو reintegration، ومفهوم النسخ  transcription أوreproduction.الترميم كما عرف سابقاً هو إصلاح الأثر، أما الحفظ فهو الحماية المسبقة للأثر عن طريق اتباع مجموعة من الإجراءات لمنع وصول عوامل التلف إليه (مثل إبعاد مصادر الرطوبة عنه، إبعاد الحشرات…) وذلك للحفاظ عليه بحالة جيدة، والصيانة تعني الحفظ الدائم للأثر، أي متابعة تلك الإجراءات المذكورة (الصيانة الدورية والتنظيف).وهنا يمكن إعطاء مجال أوسع لتعريف مفهوم الحفظ الشامل بحيث يضم المعاني الثلاثة السابقة مجتمعة: الحفاظ على الأثر من خلال ترميمه واتخاذ الإجراءات التي تضمن سلامته، ومن ثم صيانته. أما إعادة البناء فتعني إما فك المبنى الأثري ونقله من مكانه لإعادة بنائه في مكان آخر وذلك لأسباب تستدعي هذه العملية؛ وإما إعادة بناء المبنى بعد انهياره بالكامل اعتماداً على الوثائق المتوافرة. والترميم بالمشابهة يعني إعادة بناء أو تجميع القطع المتناثرة التي تكتشف في الموقع الأثري وتعود إلى موضوع واحد؛ بحيث تصبح ماهيتها واضحة للمشاهد العادي وذلك باستخدام أقل ما يمكن من المواد الحديثة. أما النسخ فيعني فك أجزاء معينة من المبنى وإعادة بنائها (كالتماثيل أو الزخارف المهمة) في مكان آخر (كالمتحف) حفاظاً عليها من التلف، وبالتالي تظهر ضرورة إعادة بناء نسخ منها في المواقع الأصلية للحفاظ على الشكل العام للأثر.أولاً- أهداف الترميم -1 منع استمرار التلف، وتثبيت حالة الأثر، والإبقاء عليه بحالة جيدة. -2 كشف القيم الجمالية والتاريخية والفنية للأثر. -3 تهيئة الأثر لاستثماره بالصورة الأمثل. -4 استخدام الطرق العلمية والفنية لتحقيق حالة جيدة من المتانة والديمومة وبتكاليف اقتصادية معقولة.ثانياً- المبادئ العامة للترميمإن الترميم عملية متخصصة جداً، تحتاج إلى تضافر جهود الكثيرين من خبراء الترميم والعمارة والكيميائيين ومؤرخي الفن والفيزيائيين وغيرهم من مختلف الاختصاصات، كما تحتاج إلى التعاون بين مختلف الجهات الإدارية والحكومية والخاصة التي لها علاقة بالأثر من قريب أو بعيد. وقد اهتمت معظم دول العالم بترميم آثارها من خلال إيجاد المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز التدريب لإعداد الكوادر الفنية المؤهلة؛ ووضع التشريعات والقوانين والمبادئ الناظمة لهذه العملية؛ وتوفير الموارد المالية اللازمة. ومع أنه لكل دولة طرقها الخاصة بالترميم وموادها الأولية الخاصة؛ بيد أن مجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي أقرتها منظمة اليونيسكو ذكرت المبادئ الأساسية لهذه العملية، وعلى رأسها ميثاق البندقية (ڤينيسيا) المتعلق بالمبادئ الأساسية لصيانة الأوابد والمواقع الأثرية وترميمها (1964)، ووثيقة صيانة المناطق التاريخية والمساحات العمرانية (1987)، إضافة إلى مجموعة من المبادئ المتعلقة بتخصصات معينة من الترميم مثل مبادئ الحفاظ على المنشآت الخشبية التاريخية (1999)، ومبادئ الحفاظ على اللوحات الجدارية وترميمها وصيانتها (2003)، ومبادئ تحليل التراث المعماري وترميمه الإنشائي والحفاظ عليه وصيانته (2003) وغيرها من الاتفاقيات والمبادئ والوثائق والتوصيات الدولية، إضافة إلى إحداث المجلس الدولي للأوابد والمواقع ICOMOS، والمركز الدولي لدراسة حفظ وترميم الممتلكات الثقافية ICCROM؛ وما يقدمانه من خبرات في الترميم ومنشورات ودورات تدريبية وغيرها.لا تعدّ تلك المبادئ دليل عمل للترميم بقدر ما تعدّ إرشادات عامة، وتركز على ما يجب استبعاده في أثناء أعمال الترميم، ويمكن تلخيص المبادئ الأساسية للترميم بمختلف أنواعه بما يلي: -1 إجراء دراسات تمهيدية كافية حول الأثر قبل البدء بترميمه. -2 الاستعانة بجميع العلوم والتقنيات المتوافرة. -3 التدخل الترميمي أقل ما يمكن. -4 تنفيذ عملية الترميم بأيدٍ فنية متخصصة وخبيرة. -5 احترام المادة الأصلية والحفاظ عليها قدر الإمكان. -6 احترام التدخلات القديمة على الأثر وعدم إزالتها إلا لأسباب واضحة ومقنعة مبنية على أسس سليمة. -7 الحفاظ على مخطط الأثر وزخارفه، وعدم إجراء أي تغييرات تؤثر في علاقات الكتلة أو اللون؛ أو الانسجام مع الموقع العام والمحيط الطبيعي إلا لأسباب واضحة ومبررة. -8 استخدام المواد التقليدية قدر الإمكان، وعند ثبات عدم ملاءمتها وضرورة استخدام المواد الحديثة يجب استخدام المواد التي أثبتت فاعليتها وملاءمتها على مدى الزمن. -9 عدم إضافة أجزاء جديدة على الأثر تقلل من أهميته أو تؤثر في توازن مكوناته أو تغيِّر علاقته بمحيطه إلا لأسباب مبررة. -10 انسجام الأعمال الإضافية مع مجمل الأثر من حيث طبيعة المادة والشكل واللون والبنية، لكن يجب أن تبقى متميزة من المادة الأصلية وتحمل الطابع المعاصر. -11 التدخل الترميمي قابل للإزالة، ولا يمنع تنفيذ تدخلات جديدة في المستقبل. -12 توثيق جميع الأعمال والمواد والطرق المستخدمة في عملية الترميم بوساطة المخططات والصور والوصف، والاحتفاظ بجميع الدلائل التاريخية والوثائق الحقيقية وعدم إتلافها أو تزييفها، وحفظ الوثائق بطريقة سهلة لوصول المتخصصين إليها، ويفضل نشرها.ثالثاً- أنواع الترميميشمل الترميم مجالاً واسعاً جداً، يبدأ من الترميم الدقيق (ترميم اللقى الأثرية أو ترميم الآثار الثابتة)؛ إلى الترميم المعماري (ترميم الأبنية، أو ترميم الآثار الثابتة)؛ وانتهاء بترميم المناطق التاريخية ضمن محيطها الطبيعي والعمراني.-1    الترميم الدقيق: هو ترميم الأجزاء الدقيقة من المبنى كالأخشاب والجص والزخارف؛ أو ترميم القطع الفنية في المواقع أو المتاحف كالتماثيل والفخاريات والزجاج والمعادن والنسيج.  -2 الترميم المعماري: هو الأعمال الإنشائية والمعمارية المتعلقة بالأبنية الأثرية مثل أعمال التدعيم ومعالجة الانهيارات والأعمال المتعلقة بالأسقف والجدران والأساسات ومواد البناء.  -3 ترميم المناطق التاريخية ضمن محيطها الطبيعي والعمراني: هو الحفاظ على المواقع والأبنية الأثرية وموقعها العام ضمن محيطها العام الذي يتطلب -إضافة إلى المبادئ السابقة - مجموعة من الإجراءات الإضافية أهمها:أ- الاهتمام بالموقع التاريخي مهما كان صغيراً لأنه يمثل ذاكرة الأمة ضمن المدينة الحديثة؛ ولأنه مهدد بقوة أمام الزحف العمراني والتوسع المدني على مختلف الأصعدة.ب- الحفاظ على النسيج العمراني ومكوناته (الكتل، الشوارع، الفراغات).ج- الحفاظ على العلاقات بين الأبنية والمساحات الفارغة والمساحات الخضراء.د- الحفاظ على الخصائص الروحية والمعنوية والوظائف القديمة ما أمكن، وضرورة أن تكون المهن والفعاليات الجديدة منسجمة مع صفات المنطقة التاريخية وإمكاناتها.هـ- الاهتمام بالسكان وإشراكهم بعملية الترميم والتأهيل والاستثمار والتدريب.و- الاهتمام بجميع الجوانب الإدارية والقانونية والتنفيذية والتنظيمية المتعلقة بالمنطقة.ز- دراسة الارتباطات بين المنطقة الأثرية والقسم المجاور أو المحيط الحديث من المدينة.ح- دراسة أي تدخلات أو أبنية جديدة بحيث تكون منسجمة مع الطابع العام.ط- الاهتمام بحركة المرور بحيث توفر الوصول السهل إلى الموقع من دون أن تخترقه الطرقات السريعة.ي- الاهتمام بالمواقف والخدمات العامة من دون التأثير السلبي في المساحات الفارغة أو المظهر العام.ك- وضع برنامج إدارة متكامل للموقعرابعاً- الترميم ومبدأ الأصالةمن أهم المواضيع الإشكالية في أعمال الترميم عندما يواجه العمل ضرورة إكمال بعض الأجزاء المفقودة في الأثر لغايات مختلفة، منها ما تكون ضرورية جداً لمنع انهيارات أو تلف في المستقبل أو لتحقيق التوازن أو الحماية، ومنها ما تكون لأسباب أقل ضرورة مثل نوعية الاستثمار أو التوظيف القادم للأثر، أو تحقيق غايات جمالية. وتزداد الإشكالية تعقيداً عند عدم معرفة الشكل الأصلي للأجزاء التي ستضاف. وهنا تظهر نظريات كثيرة وأفكار متعددة بحسب كل بلد أو حالة أو مدرسة ترميم. وفي كل الأحوال يجب التزام المبادئ التالية: -1 عدم استكمال إلا الأجزاء الضرورية جداً. -عدم استكمال العناصر على شكل مثيلاتها المتبقية في الموقع أو في الأثر، وإذا تم ذلك يكون مع الحفاظ على مبدأ التمييز (مثلاً مواد أحدث، مقياس مختلف، لون مختلف…)، وعند عدم وجود مثيل للعناصر المفقودة يجب عدم تقليد عناصر أخرى (بالمقارنة)؛ وإنما وضع عناصر حيادية جديدة تحقق المبادئ العامة المذكورة. -3 عدم استكمال الزخارف والعناصر الدقيقة والجمالية؛ لأن أهمية تلك القديمة نابعة من أصلها، ولا توجد حاجة فعلية إلى إعادة تقليدها أو وضع عناصر زخرفية حيادية.وفي كل الأحوال يجب تمكين المشاهد (المتخصص والعادي) من ملاحظة الأجزاء المضافة سواء بتغيير اللون أم المقياس أم نوع المادة، وسواء بوضع حدود بين القديم والجديد، أم بشرح ثابت، أم بأي وسيلة أخرى تمنع التزييف أو اللبس.خامساً- مراحل الترميمتتضمن مراحل الترميم: الدراسات الأولية ــــ الفحص ــــ التشخيص ــــ العلاج. - الدراسات الأولية: قبل البدء بأعمال الترميم لا بد من تحضير ملف أو اضبارة خاصة بالأثر تتضمن أكبر قدر ممكن من المعلومات المتوافرة أو التي يجب تحضيرها منها: دراسة تاريخية تتضمن كل ما يتعلق بتاريخه والمراحل التي مر فيها وتأثيراتها فيه، والتدخلات السابقة، ودراسة للمواد التي يتكون منها الأثر ومعرفة خواصها وتأثرها بالعوامل الخارجية، ومجموعة من المخططات العامة والتفصيلية ومخططات المواد وأشكال التلف، ومجموعة من الصور الفوتوغرافية. -2 الفحص: هناك طرق أولية وأخرى دقيقة، بعضها غير مؤذٍ وبعضها الآخر مؤذٍ بسبب ضرورة الحصول على عينات لأخذها إلى المخابر. وتتنوع تلك الطرق مثل الفحص بالنظر، اللمس، التصوير والتكبير، استخدام أشعة مختلفة (سينية، تحت حمراء…)، قياسات الرطوبة، محتوى الأملاح، فحوص ميكانيكية (متانة، كثافة، ناقلية…)، مجهرية (تحديد بنية الأثر…) كيميائية (البنية الدقيقة للأثر…). ويتم اعتماد نوع الفحوص اللازمة بحسب حالة الأثر ونوعه وأهمية المعلومات المطلوبة. - 3 التشخيص: يتم اعتماداً على الدراسات الأولية، ونتائج الفحوص، وتحليل المعطيات، والمقارنة بالحالات المعروفة.  -4 العلاج: يتم باختيار شكل التدخل من خلال وضع خطة ترميم متكاملة تتضمن: معايير الترميم المعتمدة، الأعمال المطلوبة، طرق تنفيذها، المواد المستخدمة، الكوادر الفنية والإدارية اللازمة، البرنامج الزمني، التكاليف المالية.سادساً- الترميم في سوريةبدأت أعمال ترميم المواقع الأثرية في سورية منذ ثلاثينيات القرن الماضي في بعض المواقع مثل تدمر، واستمرت بعد ذلك في تلك المواقع ومواقع أخرى، وأهمها:الثلاثينيات: تدمرالأربعينيات: قلعة حلب، الجامع الأموي، قلعة صلاح الدين.الخمسينيات: قلعة الحصن، قصر العظم، كاتدرائية طرطوس، باب الهوى والباب النبطي في بصرى، قوس النصر في اللاذقية.الستينيات: الرصافة، شارع أفاميا، مدافن تدمر، قصر الحير الشرقي.السبعينيات: قلعة سمعان وأطلال البارة، قلعة جعبر، كنيسة قلب لوزة، قلعة حلب.الثمانينيات: ضريح عمر بن عبد العزيز، قلعة المرقب، سور الرقة.   التسعينيات: خان أسعد باشا، قلعة دمشق، قلاع مصياف وحلب وصلاح الدين، خانات دمشق والقنيطرة.إضافة إلى الأعمال السابقة لا بد من ذكر بعض الأعمال التي تعدّ من أهم الأعمال الهندسية  في تاريخ مديرية الآثار وهي: > نقل واجهة قصر الحير الغربي إلى متحف دمشق الوطني عام 1950. > كشف مدرج بصرى عام 1959 واستمرار أعمال الترميم فيه خلال الستينيات. > من أهم أعمال المتحف الوطني إعادة بناء القاعة الشامية عام 1962، إضافة إلى إعادة بناء كنيس دورا أوربوس، والمدفن التدمري. > إعادة إنشاء واجهة القصر المعبد من تل حلف أمام مدخل متحف حلب عام 1972. > نقل مئذنتي موقعي أبي هريرة ومسكنة في أثناء أعمال الإنقاذ في منطقة الغمر في بحيرة سد الفرات. أعمال فك الأعمدة الحاملة وإعادة بنائها في خان أسعد باشا بعد تدعيم المبنى بأكمله، وبناء القباب المتهدمة في أواسط الثمانينيات. أعمال إعادة بناء شوارع تدمر وأفاميا، وترميم معبد بل والمسرح في تدمر، ونقل مدفن تل البنات إلى حديقة متحف حلبأما فيما يتعلق بترميم اللقى الأثرية فقد بدأ مع بعثات التنقيب الأجنبية التي كانت ترمم مكتشفاتها، ومن ثم أصبحت المديرية العامة للآثار تشارك بهذه الأعمال، ومؤخراً أصبحت قادرة على تنفيذ معظم أنواع الترميم الدقيق، ويشار إلى أن معظم أعمال الترميم في سورية تنفذ من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف، وبشكل جزئي من قبل مديريات الأوقاف ومجالس المحافظات التي تملك بعض المواقع الأثرية، وقد تناول قانون الآثار في مادتيه (22) و(23) أهم الضوابط الإدارية والقانونية في تنفيذ أعمال الترميم، وحدد النظام الداخلي للمديرية العامة للآثار والمتاحف مهام مديرية الهندسة المسؤولة عن ترميم الأبنية الأثرية، ومديرية المخابر المسئولة عن ترميم اللقى الأثرية، ومديرية إدارة المواقع الأثرية المسؤولة عن إدارة المواقع الأثرية وصيانتها ضمن محيطها الطبيعي والعمرانيhttp://ju.edu.jo/home.aspxhttp://ju.edu.jo/sitemap.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق